تظل القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وتظل مصر، المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما برهنت عليه المواقف التاريخية التي عكست جهود الدولة المصرية وقياداتها في حصول الفلسطينيين على حقهم في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، والوقوف أمام الانتهاكات الصارخة التي تقوم بها قوات الاحتلال والاقتحامات المتتالية للأماكن المقدسة.
لم تتوقف مصر عن تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، مؤكدة بكل وضوح موقفها الثابت إزاء رفض الإجراءات الإسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي القائم في فلسطين، لاسيّما المتعلق بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك.
ويدعم مؤتمر القدس الذي استضافته جامعة الدول العربية بالقاهرة، يومي 11 و 12 من شهر نوفمبر الجاري، تحت عنوان «صمود وتنمية» المحاولات المصرية والعربية للتوصل إلى حلول شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، والتي تعد بمثابة المسار الأول والأخير لتحقيق السلام في المنطقة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان قد أكد خلال كلمته بمؤتمر القدس،على مواصلة مصر دعم القضية الفلسطينية، قائلًا: «إن مصر ستستمر في الدعوة لمعالجة جذور الأزمة المتمثلة في الاحتلال.. ولن تألو جهداً في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي طالت معاناته، وستواصل – من أجل هذا الهدف – العمل مع طرفي الصراع لإعادة إحياء المسار السياسي.. كما سنواصل جهودنا للتعامل مع التحديات الآنية وسنعمل مع جميع الأطراف على التهدئة بالضفة الغربية وقطاع غزة.. وستستمر الجهود في دعم إعادة إعمار القطاع ودعوة المجتمع الدولي لزيادة إسهامه لتخفيف معاناة إخوتنا الفلسطينيين بغزة».
كلمة الرئيس السيسى أمام مؤتمر القدس تعبرـ بحسب أيمن سمير الخبير فى العلاقات الدولية، لـ «جيل الغد»، عن مكانة وحضور القدس فى قلب ووجدان وعقل ومشاعر كل مصرى ومصرية، مشددا على أن مصر لا تألو جهدا فى خدمة القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية.
وقال «سمير»إن مصر لا تنسى القضية الفلسطينية مهما كانت الإنشغالات، حيث نرى العالم منشغل بجائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى مأساة زلزال سوريا وتركيا.
وأشار أيمن سمير إلى أن كلمة الرئيس السيسى وضعت النقاط على الحروف فى أكثر من قضية، لافتا إلى أن القضية الأولى هى الجمود السياسى ما بين الفلسطينيين والإسرائليين، لأن ما نراه من عنف إسرائيلى تجاه قطاع غزة والضفة الغربية نتيجة إنسداد المسار السياسى، وغياب المبادرة السياسية والأفق السياسى.
مصر عبر كذلك عن رفضها لأي اجراءات فردية وانتهاكات صارخة تمارسها قوات الاحتلال، فوفقًا للدكتور أحمد السيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن تلك الممارسات الفردية من قبل حكومة الاحتلال تزيد الأمور اشتعالا ويدفع ثمنها المدنيون، لافتا إلى أن مصر ترفض تغيير الأمر الواقع والوضع التاريخي للقدس الشريف.
وتابع أن أي صيغة للسلام دون القدس لن تحقق الأمن والاستقرار، وهذا هو موقف مصر، مشيرا إلى أن القاهرة دائما مع السلام والاستقرار وترفض كل أشكال العنف .
وأوضح أن تنظيم مؤتمر القدس بحضور الرئيس السيسي، اليوم، يؤكد أن القضية الفلسطينية في قلب مصر وأجندتها السياسية، موضحا أن مصر دائما داعمة لفلسطين وتقف إلى جوار شعبها وتدعم حقوقه.
وتأتي تصريحات الرئيس السيسي، في ضوء تاريخ طويل من المساندة والدعم الذي أولته مصر على مدار العقود الماضية.. ونستعرض فيما يلي، محطات المساتدة والدعم السياسي المصري للقضية الفلسطينية، والتي بدأت منذ عام 1948، وتستمر حتى الآن.
شاركت مصر، في سبتمبر 1964، في القمة العربية الثانية في الإسكندرية خلال الفترة من 5: 11 سبتمبر بالقاهرة ، والتي رحبت بقيام منظمة التحرير الفلسطينية واعتمدت قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحـرير الفلسطيني وحدد التزامات الدول الأعضاء لمعاونتها في ممارسة مهامها.
وفي نوفمبر 1973، خلال مؤتمر القمة العربي السادس في الجزائر الذي عقد بالجزائر خلال الفترة من 26: 28 نوفمبر 1973 ، ساعدت مصر بقوة جهود منظمة التحرير الفلسطينية حتى تمكنت من الحصول علي اعتراف كامل من الدول العربية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
أكتوبر 1974، خلال مؤتمر القمة السابع في الرباط خلال الفترة من 26: 29 أكتوبر ، اتفقت مصر وكافة الدول العربية علي تأكيد حق الشعب الفلسطيني في إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعلي التزام كل الدول العربية بعدم التدخل في الشئون الداخلية للعمل الفلسطيني، وأكد المؤتمر ضرورة الالتزام باستعادة كامل الأراضي العربية المحتلة في عدوان يونيو 1967، وعدم القبول بأي وضع من شأنه المساس بالسيادة العربية على مدينه القدس
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بناء على اقتراح مصري، القرار رقم 3375 ( الدورة 30) بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في كافة الجهود والمناقشات والمؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط.
وفي يناير 1976، تقدمت مصر بطلب رسمي إلي وزيري خارجية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بوصفهما رئيسي المؤتمر الدولي للسلام لدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في المؤتمر عند استئناف نشاطه، أيضا طلبت مصر مرتين (خلال شهري مايو وأكتوبر) من مجلس الأمن النظر بصفة عاجلة في الأوضاع السائدة في الأراضي المحتلة، وأصدر المجلس بيانين تم التوصل إليهما بتوافق الآراء بإدانة سياسات وممارسات إسرائيل واعتبارها إجراءات باطلة وعقبة في طريق السلام، في سبتمبر تمت الموافقة بإجماع الأصوات علي اقتراح تقدمت به مصر بمنح منظمة التحرير الفلسطينية العضوية الكاملة في جامعة الدول العربية وبذلك أصبح للمنظمة الحق في المشاركة في المناقشات وفي صياغة واتخاذ القرارات المتعلقة بالأمة العربية بعد أن كان دورها يقتصر علي الاشتراك في المناقشات حول القضية الفلسطينية فقط.
في يونيه 1998، تم منح منظمة التحرير الفلسطينية بعض الصلاحيات التي تتيح لوفدها العمل بحرية كاملة دون مزايا الترشيح للوظائف والتصويت وهي المزايا المقصورة علي الدول.
في ديسمبر 1988، نتيجة لجهود مكثفة شاركت مصر فيها صدر أول قرار أمريكي بفتح الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينيـة ليفتح الباب بذلك أمام مرحلة جديدة من جهود السلام.
و أكتوبر 1998ساندت مصر الجانب الفلسطيني في مطالبته بالالتزام باتفاق «واي بلانتيشن» الذي توصل إليه مع إسرائيل باعتباره تطبيقاً لاتفاقات أوسلو والذي أعطي انطباعاً بأن هناك انطلاقة علي طريق السلام.
منذ 11 نوفمبر 2002 ترعى مصر الحوار الفلسطيني – الفلسطيني وتستضيف جولاته، كما احتضنت مصر اتفاق 4 مايو 2011 وملحقاته في أكتوبر 2017 بين الفصائل الفلسطينية.
كما فتحت مصر مستشفياتها لاستقبال جرحى العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي وقع في شهر مايو عام 2021، وقامت بإرسال حافلات بمساعدات مصرية للشعل الفلسطيني عبر معبر رفح.
ولا زال الدعم المصري مستمرًا، حتى يحصل الفلسطينيون على حقهم في إقامة دولة مستقرة عاصمتها القدس الشرقية، كمسار أول وأخير لتحقيق أمن واستقرار المنطقة.
- Comments
- Facebook Comments