على مدار حوالي 75 عامًا كانت مصر رائدة في دعمها للقضية الفلسطينية، وسلكت كل السبل للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على حدود ما قبل عام 19967، عاصمتها القدس الشرقية، وظل هذا الدور التاريخي ملازمًا لمصر حتى الساعة من أجل إنهاء معاناة الأشقاء في «القدس».
وعكست الجهود المصرية هذا الدور الداعم لقضية العرب الأولى، وكان آخرها استضافة مدينة العلمين المصرية للقمة الثلاثية بين مصر والأرد وفلسطين، وقبلها استضافة المدينة نفسها ااجتماعات الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بدعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ لإنهاء الانقسام.
خلال التقرير التالي، نستعرض مقتطفات من الدور التاريخي لمصر عبر العصور المختلفة، وكيف دعمت القاهرة القضية الفلسطينية، وحاربت من أجل حقوق الشعب الفلسطيني.
الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية، كان حاضرًا منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها تلك الأزمة بداية من عام 1948، وذلك من خلال مشاركة الجيش المصري في الحرب لإنقاذ فلسطين ، وكان لمصر دورًا كبيرًا في جمع العرب خلال تلك الفترة عبر جامعة الدول العربية، لمواجهة الهجرة الإسرائيلية إلى فلسطين.
وفي 1948 تدخل الجيش المصري في مايو بعد إنهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين وإعلان قيام ما يدعى «دولة إسرائيل» واستمرت المعارك حتى تدخلت القوي الدولية وفرضت عليها الهدنة وتحمل الجيش المصري العبء الأكبر في الحرب ضد القوات الإسرائيلية وكانت خسائر مصر في هذه الحرب الآفاً من الشهداء والجرحى.
اللاءات الثلاثاء
أما عن موقف مصر الداعم لفلسطين، أثناء حكم جمال عبد الناصر، فقد أولى عبد الناصر اهتمامًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية، وناهض الاحتلال الإسرائيلي، ورفع شعار «لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض» مع الكيان الصهيوني.
كما ساندت مصر في القمة العربية الثانية التي عقدت في اسكندرية يوم الخامس من سبتمبر 1964 قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطيني، وفي عام 1969، أشرف عبد الناصر على توقيع اتفاقية «القاهرة» تدعيماً للثورة الفلسطينية، واستمر دفاعه عن القضية الى أن توفى عام 1970
رجل الحرب والسلام
لم تغفل مصر القضية الفلسطينية بعدما حققت نصر أكتوبر المجيد ولقنت العدو الصهيوني درسًا خلده التاريخ، ولا يمكن فقد كانت مطالبات السادات بحقوق الشعب الفلسطيني خلال خطابة الشهير في الكنيست الاسرائيلي حاضرة، حيث شدد على العودة إلي حدود ماقبل 1967، خلال مؤتمر القمة العربي السابع الذي عقد 29 نوفمبر 1973 في الجزائر حيث أقر المؤتمر شرطين للسلام مع إسرائيل هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس.
وفي أكتوبر عام 1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم (3375) بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءً على طلب تقدمت به مصر وقتها نتيجة إعلان مصر والدول العربية، أكتوبر 1974 على مناصرة حق الشعب الفلسطيني في إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ وكان آخر جهود السادات هو ما بادر به بدعوة الفلسطينيين والاسرائيليين للاعتراف المتبادل.
مبارك والارض مقابل السلام
خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك التي امتدت تقريبا 30 عام شهدت القضية الفسيطينية تطورات كثيرة وحادة ونتيجة ذلك تطورت مواقف وأدوار مصر لتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية، وكانت البداية مع سحب السفير المصري من اسرائيل بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، وفي عام 1989 طرح مبارك خطته للسلام حيث تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقاً لقرار مجلس الأمن، ومبدأ الأرض مقابل السلام، مع وقف الاستيطان الاسرائيلي، وفي سبتمبر عام 1993 شارك الرئيس الأسبق مبارك في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي، وفي 2003 أيدت مصر وثيقة «جنيف» بين الاسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وفي عام 2010 عندما تجدد القصف الاسرائيلي على قطاع غزة رفضت القيادة المصرية فتح معبر رفح مؤكدة أنه لن يسمح بتحقيق المصالحة على حساب البلاد، واستمر عطاء مصر حتى مجىء الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وعد الشعب الفلسطيني بالوقوف بجانبه، بعدما تعرضت غزة مؤخراً لحرب.
مصر تواصل دعمها
وبعد تولي الرئيس السيسي ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني
وأكد الرئيس عبد السيسي أن مصر ستواصل مساعيها الدؤوبة من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على ضرورة التوصل لتسوية عادلة وشاملة من شأنه أن يدعم استقرار المنطقة ويساهم في الحد من الاضطراب الذي يشهده الشرق الأوسط،
وشدد على ضرورة الحفاظ على الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وتدعم الفلسطينيين في خطواتهم المقبلة سواء بالمشاركة في تنفيذ المبادرة الفرنسية، أو الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي.
كما دعا الرئيس السيسي للقمة الثلاثية، والتي عقد، الثلاثاء الماضي 14 أغسطس، وأكد القادة على الأولوية التي توليها الدول الثلاث للمرجعيات القانونية، الدولية والعربية لتسوية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ضمن جدول زمني واضح، واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وفي تجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران لعام ۱۹٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة.
- Comments
- Facebook Comments